الثلاثاء، 22 مارس 2011

(( إنهم كانوا لا يرجون حسابا ))



(( إنهم كانوا لا يرجون حسابا ))





لطالما سمعت بكلمة الحرية كثيرا في صغري ولكني لم أكن أدرك معناها جيدا , لأنني ولدت في بلد شعبه لا يعرف معنى هذه الكلمة , فهو شعب مسكين لا يشغله سوى قوط يومه فقط , ولا يفكر في الغنى ولا في الثراء ولكنه يفكر في كيفية جلب لقمة العيش التي ستعينه على البقاء على قيد الحياة , شعب طيب ولكنه جبان يخشى من قول كلمة ( لا ) لقد تعود على الذل والمهانة والاستعباد لمدة 30 سنة متواصلة لم يستطع أن يرفع فيها رأسه عاليا ويطالب بحق واحد من حقوقه الشرعية الواجبة على الدولة تنفيذها له , الخطأ من البداية هو خطأ هؤلاء الناس الذين رضوا بالظلم وقاموا بقفل أفواههم وكتم كلمة الحق , أنا أعرف جيدا بأن حكومة بلدي ليست حكومة عادلة , إنهم لصوص يعيشون بأموال البلد والشعب , لقد قاموا بنهبة الجميع لم يتركوا مجالا لأحد للعيش الكريم , لأنه لم يتبقى شيء للشعب , لقد استغلوا جميع ثروات البلاد , وقاموا بما يحلوا لهم لأنهم تعودوا على ذلك ولأنهم أيضا يعلمون بأنه لا يوجد أحد ليقوم بمحاسبتهم عما يفعلونه فلذلك فعلوا ما يحلوا لهم بلا خوف أو تردد , ولكن مهلا مهلا فإن حبل الظلم قصير ولن يطول كثيرا ؛ لأن الله يمهل ولا يهمل , كل هذا الكلام الذي قمت بكتابته في أول كلامي كان من الماضي , لقد كان كلاما موجها إلى مصر الأمس ولا لمصر اليوم , إن مصر اليوم أصبحت اسما على مسمى فهي حقا أم الدنيا بلا منازع , يا لهذه الفرحة ! إنني فخورة جدا لأنني مصرية فأنا من اليوم أعتز بشعبي وأهل بلدي أكثر بكثير من الماضي , لأنهم أثبتوا للجميع نضالهم لقد أثبتوا بأنهم أبطال حقا لا يرضون بالإهانة والظلم مهما طال , إنها ثورة الخامس والعشرين من يناير , إنه تاريخ كتب بدماء الشهداء الذين دافعوا وضحوا بأنفسهم فداءا للوطن , إنه تاريخ كتب بماء من ذهب , لقد حفر في العقول والقلوب , فهو تاريخ عظيم لا يستطيع الإنسان ولا القدر أن ينساه , إنه تاريخ يعتبر من معجزات الزمن , من كان يعتقد يوما بأن هذا الشباب الضائع البائع للحياة ومن فيها سوف يغير تاريخ شعب بأكمله ! من كان يفكر بأن هذا النظام الفاسد سوف ينتهي يوما ؟! لقد أثبت هذا الشباب وعيهم وقدرتهم على تحمل المسؤولية والدفاع عن وطنهم الغالي والمطالبة بحقوقهم , لم يعد يستطيع الشباب أن يتحمل أكثر من هذا , لقد انفجر في داخله أخيرا بركان الغضب , ولديه الحق وكل الحق في ذلك , كيف لا وهو لا يستطيع العمل فلا يوجد فرص عمل كافية للشباب !! كيف ذلك وقد وصل التعليم إلى أدنى صورة له !! كف ذلك  وهو يعيش في فقر شديد ولا يستطيع تلبية احتياجاته !! لقد علمتهم هذه الحياة الكثير وجعلتهم يفرقون بين الخطأ والصواب , لهذا قد قام بالانتفاض والحركة من مكانه قائلا لا للظلم ولا للفساد ولا للنظام , لقد استطاع أخيرا بأن ينطق اسم مبارك وأن يقول رأيه به بكل صراحة بلا خوف أو جبن , لقد قال يسقط يسقط حسني مبارك , لكنه في الماضي كان يعلم جيدا بأنه إذا أطلق هذه الكلمة من فمه فستكون آخر كلمة ينطق بها لسانه , وأيضا لقد قال إرحل يا مبارك لقد قالها بكل شجاعة وقوة , لقد خرجت من قلبه لقد تحدث قلبه أخيرا بما يحمل في داخله من مشاعر القهر والمهانة , يا لهذه الانتفاضة العظيمة !! يا لها من فخر كبير لكل العرب وكانت شقاء كبير لكل الغرب ؛ لأن مبارك كان أكبر عميل لهم , لقد شعروا بأن البلاد العربية بدأت تستيقظ أخيرا من غفلتها , فاعلموا يا حكام العرب بأن الشعوب قد أفاقت لكم جيدا فاصبروا ولا تستعجلوا فلكل واحد منكم يوم قريب فلينتظره إذا على نار .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق